تعريف الدعوى:
هي وسيلة نظامية يتوجه بها الشخص إلى القضاء ليتسنى له الحصول على تقرير حق له أو حماية هذا الحق، ومن ثم فإنه يجب توافر عدة شروط أساسية لقبول الدعوى أمام المحاكم، ويمكن تقسيمها إلى شروط تتعلق بأطراف الدعوى، وأخرى تتعلق بموضوع الدعوى وفقاً لما يلي:
الشروط اللازم توافرها في أطراف الدعوى
يقصد بأطراف الدعوى (المدعي، المدعى عليه، خصم مدخل ويجب توافر الصفة في أطراف الدعوى حتى تسمع الدعوى ويتم قبولها شكلاً، وبغير توافرها تحكم المحكمة بعدم قبول الدعوى أو صرف النظر دون التطرق إلى
موضوعها، وتنحصر هذه الشروط في التالي:
الشرط الأول: أن ترفع الدعوى من ذي صفة على ذي صفة.
لما كان موضوع الدعوى هو دائماً ادعاء يحق أو بمركز نظامي تم الاعتداء عليه أو مهدد بالاعتداء عليه، فحينها تصبح الدعوى المرفوعة لحماية هذا الحق أو المركز، ولابد أن تكون ممن يدعي لنفسه هذا الحق أو المركز النظامي على من اعتدى عليه أو هدد بالاعتداء عليه، وهذا هو معنى الصفة في الدعوى، فلا ترفع الدعوى من
غيرهم وعلى غيرهم.
وهذا هو الأصل لكن النظام أجاز استثناء الشخص الصفة في الدعوى، فيجيز له رفع الدعوى للمطالبة بحق لا لنفسه ولكن لغيره ويحل هذا الشخص محل صاحب الصفة الأصلية، ومثاليا الدعوى التي يرفعها الولي أو الوصي أو القيم أو الوكيل والتي تجيز لأي منهم أن يطالب بحقوق من ينوب عنه لدى الغير.
فشرط الصفة من أهم شروط إقامة الدعوى، إذ يمكن إثارته من قبل المتقاضين في أي مرحلة من مراحل الدعوى، كما يمكن للمحكمة إثارته من تلقاء ذاتها، ويمكن أن تقضي بناءً عليه بعدم قبول أو صرف النظر عن الدعوى المعروضة عليها إذا تحقق لديها أن المدعي لا صفة له في ادعائه.
الشرط الثاني: أن يكون لرافع الدعوى مصلحة في رفعها.
يقال عادة تعبيراً عن هذا المعنى (لا دعوى بغير مصلحة)، وأن المصلحة في هذا المعنى في المنفعة التي يجنيها المدعي من التجائه إلى القضاء أو هي الباعث على رفع الدعوى، وهي من ناحية أخرى الغاية المقصودة منه
واشتراط المصلحة لقبول الدعوى هو أمر واجب في نظام المرافعات الشرعية: لأنه من الواجب الا تشغل المحاكم بدعاوى لا يفيد منها أحد، وهو ما قرره نظام المرافعات الشرعية في المادة الثالثة ونصها كالتالي (لا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة مشروعة، ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الإستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه). وإذا ظهر للقاضي أن الدعوى صورية أو كيدية وجب عليها رفضها، وله الحكم على من يثبت عليه ذلك بتعزير..
والمصلحة ليست شرطا القبول الدعوى فحسب بل هي شرط لقبول أي طلب أو دفع أو طعن في حكم ويعتد بالمصلحة سواء كانت مادية أو أدبية، ذات قيمة كبيرة أو زهيدة، كما أنه يشترط في تحققها ضوابط هي:
الضابط الأول: أن تكون المصلحة نظامية أي تستند إلى حق، وبعبارة أخرى يتعين أن يكون موضوع الدعوى هو المطالبة بحق أو بمركز نظامي أو التعويض عن ضرر أصاب حقا من الحقوق ونتيجة لهذا، إذا كانت المصلحة غير نظامية فلا يعتد بها ولا تكفي لقبول الدعوى وتكون المصلحة غير نظامية إذا كانت مخالفة للنظام أو الآداب العامة
الضابط الثاني: أن تكون المصلحة قائمة وقت رفع الدعوى بمعنى أن يكون حق رافع الدعوى قد اعتدى عليه بالفعل أو حصلت له منازعة فيه فيتحقق الضرر الذي يبرر الالتجاء إلى القضاء.
الضابط الثالث: أن تكون المصلحة شخصية مباشرة بمعنى أن يكون رافع الدعوى هو صاحب الحق المراد حمايته أو من يقوم مقامه كالوكيل بالنسبة للموكل وكالوصي أو الولي بالنسبة للقاصر.
حكم المصلحة المحتملة
إذا كان الضرر محتملاً أو بعبارة أخرى إذا كانت المصلحة محتملة، فالأصل أن الدعوى لا تقبل، غير أن هناك دعاوی معينة جرى القضاء على جواز قبولها بالرغم من أن المصلحة في رفعها محتملة
الشروط اللازمة في الحق المدعى بها
فضلا عن الشروط اللازمة في أطراف الدعوى هناك شروط لابد من توافرها في الحق المدعى به حتى تقبل الدعوى، وتنحصر هذه الشروط في التالي:
الشرط الأول: أن يكون الحق المدعى به ثابتا ومستحق الأداء، إذ لا يجوز التمسك بحق غير موجود أصلا. كما يشترط أن يكون الحق المدعى به مستحق الأداء، وعدم ثبوت الحق وعدم استحقاقه حالاً لا يمنع المدعي من اتخاذ بعض الإجراءات التحفظية التي من شأنها المحافظة على هذا الحق إلى أن يصير ثابتا ومستحقاً.
الشرط الثاني: أن يكون الحق المدعى به مشروعا، بمعنى أن يكون الحق المطالب به غير مخالف القواعد الشريعة الإسلامية والأنظمة المعمول بها فإذا ما اعتبر النظام الحق المطالب به غير مشروع، لم يجز الادعاء من أجله.
الشرط الثالث: الا يكون الحق المدعى به قد سبق الحكم به، فإذا كان قد حكم للمدعي بالحق الذي يطالب به بحكم فاصل في النزاع، فإنه لا يجوز له أن يتقدم بدعوى ثانية من أجل ذات الحق تطبيقا لمبدأ حجية الأمر المقضي به إذ لا يجوز للمحكمة أن تفصل في نزاع سبق أن حسمه حكم سابق.
الشرط الرابع: الا يكون اتفاق على التحكيم بصدد الحق المدعى به، فالاتفاق على التحكيم ينزع الاختصاص دائما والخصم بهذا الاتفاق يتنازل عن الالتجاء إلى القضاء لحماية حقه، وبالتالي يكون الدفع بالاعتداد بشرط التحكيم من قبيل الدفع بعدم قبول الدعوى؛ لأن الخصم ينكر به سلطة خصمه في الالتجاء إلى القضاء العادي.
الشرط الخامس: الا يكون قد تم صلح بين الخصوم بصدد الحق المدعى به، إذ بمقتضى هذا الصلح لا يعتد بما كان للخصوم من حقوق وبالتالي لا تكون لديهم دعوى لحمايتها، غير أنه إذا ثار نزاع بصدد تفسيره فمن الجائز أن ترفع دعوى بطلب تفسيره وتحديده حقوق أطرافه.